كلنا باعة فمن يشترى

لاننا نجهل متطلبات سوق العمل عندنا ولا نعرف نوعية العمالة والكوادر التى نحتاج اليها بعد عشرين او خمسين عام فان فك شفرة (العطالة ) والخريجين سيظل عصيباً وقابلاً للاستفحال اكثر فاكثر . وظنى ان سيطول انتظار خريجى الكليات النظرية امام مكاتب التشغيل ما لم يتصرفوا بطريقة عقلانية وينخرطوا فى اعمال حرة شريفة قبل ان يقضى البنقال والطاجيك وشباب اندونيسيا وشباب بقية دول شرق اسيا على كل سوق العمل فى البلاد . ومما يدعوا للحسرة والاسى فى اًن معاً ان اولادنا يلعبون الضمنة والكوتشينا ويقرقرون الشيشة على عينك ياتاجر ولايابهون بهؤلا العمل الاجانب الزين يعملون كالنحل فى العمارات المطلة مباشرة على مقاهى الشاى والنت والمصيبة ان عدداً مقدراً من شبابنا العاطل مصابون بالعظمة الكاذبة وبنوع غريب من الشيذوفرينيا تجعلهم اسرى الانتظار حتى بعد الزمن المحتسب بدلاً عن الضائع . وقد زهلت عندما اخبرنى احد هؤلا الشباب بلغة (هانت الزلابية ) قائلاً: (لقد دخلت خمسة وعشرين معاينة على مدى ست سنوات لكن الفرج قريب ) ولو ان هذا الرجل شرع منز تخرجة فى بيع اكياس النايلون او مشروب الكركدى لاصبح من تجار السوق المعروفين لكن صدق من قال : ان ما خلقة الله ليذحف لا يستطيع ان يطير .ونواصل.

لا اعرف فى زمننا الراهن اية مزايا التخصص ، خاصة ان المرضى يغالطون الاطباء ، وعمال البلدية يوجهون المهندسين ، والطلاب هم من يقومون باعداد وضع (جدول الحصص ) ، والكماسرة يتحكمون فى السائقين ،ونحن الوحيدون ممن لا يقرون باى حكم سوى احكام ( حكام مباريات كرة القدم ) وحتى هؤلا نهتف فى وجوههم عند الشدائد بعبارة (التحكيم فاشل )
واللافت للنظر ان نصف سكان العاصمة من الشباب يمارسون المهن الهامشية ويسدون على الناس كل الطرق والمداخل فى حين ان الولايات تعانى ندرة العمالة فى الحقول و المزارع ، حيث لم يبق هناك سوى من تعدوا السبعين من الجنسين .
وما يثير العجب اننا دولة زراعية وتمثل الزراعة مانسبتة 70% من سبل كسب العيش بالسودان ، الى جانب امتلاكنا الملايين من رؤوس الماشية ومع ذلك يتصارع الشبان عند مداخل الكبارى والاستوبات بالخرطوم للترويج للاناتيك وصناعات البلاستيك والادوات الكهربائية و المناديل الورقية و غيرها و فى الصين بداء الشبان فى الهجرة العكسية من المدن الى الريف و الاستثمار فى مجال الزراعة و الدواجن و الماشية وقد ابدى بعض هؤلا الشباب سعادتهم بما جنوة من مكاسب مادية وراحة نفسية
فمتى نعرف نحن قيمة الريف ياترى؟؟؟